وبشأن تقييمه للسیاسة الخارجية الإيرانية خلال عهد رئیس الجمهوریة إبراهيم رئیسي قال المحلل السیاسي الخبير الأمني والعسکري الفلسطيني السید عبدالله العقاد إن السیاسة الخارجية الإيرانية في الإقلیم خلال العامین الماضیین لم تخرج عن حرصها الشدید والکبیر علی إزالة الخلافات الداخلیة بین مکونات الأمة، ومد جسور الألفة والتعاون، والتأکید علی وحدة الأمة، ومنابذة الفُرقة التي حرصت علیه جهات رسمية في الإقلیم بدعم أمریکي وأوروبي حيث عملت على زیادة القطیعة بغية عزل مکونات الأمة عن بعضها، ودخول الأمة في الصراعات الداخلية.
وأردف العقاد قائلا: هذا الصراع لا منتفع فیه سوی الإحتلال والاستعمار بکل أشکاله. ولازال الإستعمار یحاول أن یبقی صاحب الکلمة النافذة والنفوذ الأکبر في هذه المنطقة. شیئاً وحیدًا یمکن أن یعزل هذا الإستعمار ويحاصر النفوذ الأجنبي المعادي لهذه المنطقة هو مد جسور التعاون وإشاعة روح التفاهم بين دول الإقليم دون الطارئ منها، وهذا ما يميز سياسة إيران الخارجية مع الدول العربیة والإسلامية؛ فالتأکید علی الوحدة والمنابذة بالفرقة والوقوف صفاً في مواجهة النفوذ الصهيوأمريكي الذي لا یرید خیرًا في المنطقة.
وذکر المحلل السياسي الفلسطيني أنه بالتالي محاولات الإلتقاء المشترك والإیمان بوحدة الأمة نجح في أن تمد إيران جسورًا من التعاون وکان آخرها وأهمها وما یمکن أن یُبنی علیه هو تطویر العلاقات مع السعودیة. وذلك بإعتبار السعودية کانت ولازالت تحت الضغط الأمریکي لتكون مقدمة الركب في خلق الفرقة والمنابذة، فإن يكون تواصل وتفاهمات واتفاق برعاية الصين یتسع ويتطور بتبادل دبلوماسي، فهذا إنقلاب إستراتیجي کبیر، ومقدمة لتغيير جيوسياسي في المنطقة.
وتابع: لا أعتقد أن أمریکا وأوروبا من ورائها سيتركون السعودية تتطور علاقاتها مع إيران دون تدخلات كبيرة، بل سیدفعون بکل ما یملکون من أجل إسترداد السعودیة ومنع هذه الوحدة. وبالتالي هنا یأتي الإختبار الحقیقي لهذه التفاهمات وضرورة تمتینها وتحصینها من هذا الإختراق الأمریکي المتواصل الذي یرید للموقف أن یعود ما کان عليه من قبل.
وبشأن دعم إيران لفلسطین ومقاومته، قال:بکل تأکید نحن کفلسطینیین والقضیة الفلسطینیة استفادت الکثیر من إيران، بما لم يستطيع أن يقدمه غير إيران. أنا لا تحدث هنا عن الشعوب العربیة والإسلامية والشعوب الحرة، فهي کلها منتمیة إلی فلسطین والقضیة الفلسطینیة لکني أتحدث عن النظام الرسمي. نعم، إيران کان لها موقفا واضحا في دعم المقاومة وهذا ما تشید به المقاومة وقادتها دائما وأبدا. وكان لهذا الدعم السخي تقوية موقف المقاومة وتحصينها من الاختراق ومواجهة محاولات الاقتلاع. فهذا الدعم الواجب الذي تقدمه إيران کما هو واجب علی کل الدول العربية والإسلامية الوقوف مع الشعب الفلسطیني؛ لأنه جزء من هذه الأمة العربیة والإسلامية.
وفي إشارة إلی الإنفتاح الإيراني علی دول الخلیج الفارسي قال العقاد انه کل ما یمکن أن نقوله أن الإنفتاح الإيراني علی دول الخلیج الفارسي نجح، ولکن هناك محاولات ممانعة ومعارضة خارجية قوية. لأن الانحیاز لوحدة الأمة يتسبب بضرر کبیر علی المصالح والنفوذ الأمریکي الذي یرید أن یبقی في هذه المنطقة في صراع بين مكوناتها مستمر، مما يجعله متفرداً في الهيمنة عليها، علی اعتبار أن هذه المنطقة تعطیه قوة تعينه على الهيمنة، فلولا النفط العربي ما کان الدولار الأمریکي لینهض بعد صدمة نيكسون بإعلانه كشف الدولار من التغطية من الذهب نتيجة خسارة أمریکا حربها في فيتنام.
صدمة نيكسون هي سلسلة من التدابير الاقتصادية التي قام بها رئيس الولايات المتحدة ريتشارد نيكسون في عام 1971، وأهمها كان إلغاء التحويل الدولي المباشر من الدولار الأمريكي إلى الذهب.
وأوضح الخبير الفلسطيني قائلا: والذي أعاد القوة والإعتبار للدولار ربط ببیع البترول به (البيترودولار) هو ما جعل الدولار مهمینا. ومعلوم أن هیمنة الدولار تستند علیه الهیمنة الأمریکیة، فسقوط الدولار من هیمنة التداول العالمي يعني خسارة أمریکا هیمنتها، وهذا ما يفسر تمسك أمریکا بهيمنتها العسکرية والدبلوماسیة والإقتصادیة على المنطقه. ولا سيما بعد خسارة الحرب في أوکرانیا ضد الإتحاد الروسي، وقد أصبح الإعلان عنها قاب قوسین أو أدنی.
وقال: ها هي أمریکا تعود إلی المنطقة بقوة عسكرية لتعید خلطة الأوراق لتبقى المسیطرة علی المنطقة. لو أن القوى الكبيرة في هذه المنطقة إتحدت وتوحدت وإلتقت في المواقف المشتركة لتحصنت من النفوذ الخارجي المعادي. لکن حالة الفرقة وحالة التشطي والذي عمل المستعمر الأمریکي وقبله بریطانیا وفرنسا هذا ما جعل المنطقة مستباحة لصالح المستعمر. فالـلعودة من جدید إلی الوحدة العربیة الإسلامية مانعة لکل النفوذ والهیمنة الأمریکیة المعادیة للمنطقة.
وصرح أن هناك محاولات لإعادة السعودیة إلی مشروع التطبیع مع الکیان الصهیوني لإنتاج تحالف مشترك (النيتو الشرق اوسطي). لكن السعودیة التي إختارت موقفا تقترب به من إيران وتعید العلاقات أعتقد أن هذا التطبیع مع الكيان الذي يدعونها إليه لو تم سيبقى بارداً، ولا يمكن أن ينبني عليه مشاريع كبيرة كما كان مخططاً بما عرف بصفقة القرن؛ لأن التحالف يتطلب العدو المشترك. کانوا یصدرون إیران عدوا مشترکا لهم، لکن عودة العلاقات بین السعودیة وإيران ضرب هذا الأساس المشترك.