لندن تتخبّط بشأن سياستها تجاه طهران

فعقب 3 أشهر من الضجيج الاعلامي والاثارة الصحفية حول ادراج اسم حرس الثورة الاسلامية، فيما يسمى القائمة البريطانية للجماعات الارهابية، تراجعت هذه الحملة المفتعلة واوردت مجلة تايمز المقربة من وزارة الخارجية الاميركية تقريرا اظهر بأن هذا المشروع البريطاني تم سحبه من على الطاولة ووضع على الرف، لكن مراجعة هذه المسرحية البريطانية تكشف نقاطا هامة حول دور وسائل الاعلام في هذا السيناريو البريطاني.

لقد اوردت مجلة تايمز الجمعة تقريرا جاء فيه بأن الحكومة البريطانية اوقفت مشروعها لادراج اسم الحرس الثوري على قائمة التظيمات الارهابية رغم دعم وزير الداخلية البريطاني لهذا المشروع، لكن وزارة الخارجية البريطانية تخشى من غلق قنوات الاتصال مع ايران بسبب ذلك.

*مزاعم وفبركات

لقد بدأت هذه المسرحية البريطانية في شهر نوفمبر الماضي عندما اوردت قناة ايران اينترنشنال الناطقة بالفارسية والتي تبث من لندن (وتمولها السعودية وقال عنها الصحفي الصهيوني باراك رافيد انها تستخدم للحرب الاستخباراتية ضد ايران) ادعاءات بان ايران هددت الصحفيين الايرانيين في بريطانيا وان الحرس الثوري هدد بشكل جدي هذه القناة، وان هؤلاء الصحفيون يحملون الجنسية البريطانية الان وهذا تهديد لحياة مواطنين بريطانيين على ارض بريطانيا !

وبعد يومين من هذا الادعاء تدخل مجلس العموم البريطاني في هذه القضية واطلق رئيس لجنة الصداقة البرلمانية البريطانية الصهيونية بوب بلاكمن دعوة لمضاعفة الحظر عل الحرس الثوري، ثم اوردت مجلة صنداي تايمز ان مئات الصحفيين والنشطاء البريطانيين تلقوا تحذيرات من شرطة مكافحة الارهاب البريطانية بأنهم يمكن ان يتم استهدافهم بسبب مناهضتهم لايران، وتم الادعاء ان ايران تسعى لجر هؤلاء الى دول في الجوار لاختطافهم ومن ثم الحكم عليهم بالاعدام .

*دور صهيوني

واهمية هذه الضجة وهذه السيناريو نكتشفها عندما نعلم بأن من فبرك ادعاء نية الحرس الثوري لاستهداف الصحفيين ومرره للبريطانيين هو جهاز الموساد الصهيوني ، وقد اورد موقع “تايمز اوف اسرائيل” في تقرير ان تل ابيب زودت المسؤولين البريطانيين بمعلومات مكنتهم من احباط هجمات ايرانية تستهدف صحفيين في بريطانيا. وقد ادعا رئيس جهاز المخابرات الداخلية البريطاني ان اجهزة الامن البريطانية احبطت محاولات ايرانية متعددة لقتل واختطاف مواطنين بريطانيين !

وحسب هذه التوهمات والمعطيات المفبركة استدعت لندن القائم بالاعمال الايراني وابلغته بان لندن لا تتحمل أي تهديد وارهاب ضد الصحفيين او من يعيشون في بريطانيا !

*مسار مُتخبّط

وفي شهر نوفمبر تم الترويج اعلاميا بأن وضع الحرس الثوري على قائمة الارهاب البريطانية بات قريبا واشار برلمانيون في مجلس العموم ايضا لذلك وفي 20 ديسمبر وجه رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس العموم البريطاني سؤالا الى ريشي سوناك حول احتمال اضافة اسم الحرس الثوري للقائمة المزعومة، فرد سوناك قائلا ” نحن قد فرضنا حظرا كاملا على هذه المنظمة (الحرس الثوري) لكننا لا نعطي رأيا حول ادراج اسم المنظمات على قائمة المنظمات الارهابية ، وهذا هو مسار عمل الحكومة.

لكن الضربة الكبيرة التي وجهها الحرس الثوري الى شبكة مرتبطة بالمخابرات البريطانية اثناء اعمال الشغب الاخيرة في ايران فاجأت البريطانيين وزعزعتهم، فقد اعتقل الحرس الثوري 7 من العملاء الرئيسيين والعناصر كبار التابعين لهم كانوا يديرون اعمال الشغب ميدانيا وتم القضاء على جميع اتصالاتهم وارتباطاتهم وايقاف تاثير نشاطهم.

*فشل مشروع الشغب

وزادت هذه الضربة الايرانية المتمثّلة بإحباط مشروع أعمال الشغب في البلاد من الدعوات في داخل بريطانيا لنعت الحرس الثوري بالارهاب لكن في تاريخ 3 يناير الماضي نقلت ديلي تلغراف البريطانية عن مصادر (لم تسمهم) بأن الحكومة البريطانية قررت ادراج اسم الحرس الثوري على قائمة الارهاب، لكن وبشكل مفاجئ وفي تاريخ 17 يناير اوردت فايننشال تايمز نبأ يقلل من تأثير تقرير ديلي تلغراف، حيث قالت فايننشال تايمز ان الحكومة البريطانية قلقة من تبعات وصف الحرس الثوري بمنظمة ارهابية ومن المستبعد ان تتخذ قرارا بهذا الشأن قريبا رغم ان دراسة الموضوع قد بدأت لكن القرار النهائي لم تتخذ بهذا الشأن وان هناك نقاش في داخل الحكومة حول كيفية تنفيذ هذا القرار.

واوردت فايننشال تايمز ان قيام حكومة ما باعتبار مؤسسة عسكرية في دولة اخرى منظمة ارهابية يعتبر امرا غير اعتيادي بشكل كبير وعلى بريطانيا تقييم المخاطر والمكاسب، واضافت: بعض المسؤولين المطلعين على المناقشات في داخل الحكومة يقولون بان ارتباكا يلف وزارة الخارجية البريطانية بشأن اعتبار الحرس الثوري منظمة ارهابية.

*حفظ قناة الاتصال مع ايران

وأمس الأول اوردت مجلة تايمز المقربة من وزارة الخارجية البريطانية ان خطة الحكومة البريطانية بشأن الحرس الثوري تم ايقافها وان المسؤولين البريطانيين لديهم قلق بهذا الشأن لان الحرس الثوري منظمة حكومية.

واضافت تايمز نقلا عن مصدر في الحكومة البريطانية: ان مسؤولي وزارة الخارجية البريطانية هم قلقون لأنهم يريدون حفظ قناة الاتصال مع ايران ورغم دعم وزارة الداخلية والحكومة لهذه الخطوة لكن هذا المسار تم ايقافه.

لقد ساق المسؤولون البريطانيون هذه الحملة عبر وسائل الاعلام على الاغلب لتخفيف مسؤولية الحكومة البريطانية، ومن الممكن ان يتنازل هؤلاء عن باقي ادعاءاتهم ايضا حول قضايا حقوق الانسان او الحرب الاوكرانية وما شابه، تجاه ايران، وهذا برسم باقي الحكومات التي تمادت في العداء ضد ايران.

دیدگاهتان را بنویسید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *