بعد رفض حاكم مصرف لبنان رياض سلامة فتح اعتمادات لثلاث شحنات فيول لزوم معامل الكهرباء إلى كارثة على صعيد التغذية، حيث انخفضت التغذية خارج بيروت إلى ٥ ساعات، فيما لم تزد في بيروت على ٧ ساعات.
و كتبت صحيفة الاخبار اللبنانية اليوم الاثنين كانت المشكلة قد بدأت مع طعن نواب القوات اللبنانية في قانون الاعتماد الإضافي بقيمة ٣٠٠ مليار ليرة الذي أقرّه مجلس النواب لصالح مؤسسة كهرباء لبنان، والذي أوقف المجلس الدستوري تنفيذه إلى حين بتّ الطعن.
حينها، جمّدت عمليات شراء الفيول، باستثناء شحنة واحدة وافق مصرف لبنان على فتح اعتماد لها، بعدما تأمنت كلفتها بالليرة بالتعاون بين وزارة المالية وكهرباء لبنان.
لكن منذ ٢٦ أيار الماضي، حين أصبح القانون نافذاً، حتى اليوم، لم يوافق مصرف لبنان سوى على فتح اعتماد باخرة واحدة من أصل أربع تم الاتفاق معها، هي باخرة فيول (Grade B)، ستكفي عملياً لتشغيل معملي الزوق والجية القديمين لنحو ١٥ يوماً.
لكن في المقابل، فإن نقص الفيول (Grade B) والغاز أويل إدى إلى إعلان المؤسسة تخفيض معدل الانتاج في معامل الزوق والجية الجديدين والزهراني ودير عمار، بما أدى إلى تخفيض إجمالي الطاقة المنتجة على الشبكة حالياً إلى 720 ميغاواط، بعد أن جرى تخفيضها تدريجياً خلال الأسابيع الماضية. المشكلة أنه حتى هذا الحد لن تستطيع المؤسسة الحفاظ عليه، إذ أكدت مصادرها أن مخزون الفيول أويل (Grade B) لن يكفي لأكثر من أربعة أيام.
بعدها ستكون مضطرة إلى إطفاء معملي الجية والزوق الجديدين، فيما مخزون الغاز أويل لن يكفي لأكثر من أسبوع. عندها، ستنخفض التغذية إلى حدود ٣٠٠ ميغاواط، أي ما يعني اقتصار التغذية على ساعتين يومياً، علماً بأن ذلك سيؤثر على ثبات الشبكة الكهربائية واستقرارها، حيث ستؤدي أي صدمة كهربائية تتعرض لها إلى خروج المعامل كافة عنها، وبالتالي الوصول إلى العتمة الشاملة.
اللافت أن البديل، أي المولدات الخاصة، بدأت تشكو من عدم قدرتها على تعويض الفارق، أولاً لأنها لا يمكنها أن تعمل لفترات طويلة، وثانياً بسبب شح المازوت. ولذلك، أعلن ممثل تجمع أصحاب المولدات عبدو سعادة عن توجه للتقنين لمدة ٥ ساعات يومياً.
وهذا يعني أن اللبنانيين، في حال لم يقم مصرف لبنان فوراً بتحرير الاعتمادات الخاصة بالبواخر الموجودة حالياً، سيكونون حتى عير قادرين على تعويض النقص بالتغذية من المولدات الخاصة؛ علماً بأنه حتى لو أفرج مصرف لبنان عن الاعتمادات الخاصة بالشحنات الحالية، فإن استقرار التغذية لن يتحقق، إلا في حال كان لدى وزارة الطاقة خطة إمداد في الفيول على الأقل لشهرين، وهذا يحتاج إلى التزام واضح من مصرف لبنان بفتح الاعتمادات التي تحتاج إليها المؤسسة، خاصة أنه من أصل الـ٢٠٠ مليون دولار التي أقرّها مجلس النواب لها، لم يفتح المصرف اعتمادات سوى بقيمة ١٤ مليون دولار.
مصادر معنية تصف ما يفعله مصرف لبنان بالتمرد على المؤسسات الدستورية؛ إذ إنه، بصفته مصرف الدولة والمؤسسات العامة، ليس لديه خيار لرفض أو الموافقة على فتح اعتمادات للمؤسسات العامة. فهذه الاعتمادات ليست جزءاً من الدعم، وبمجرد وجود قانون يغطيها بالليرة، وجب عليه أن يحولها إلى الدولار، لأن المؤسسات والإدارات العامة لا يمكنها الحصول على العملة الأجنبية إلا من مصرف لبنان.
كذلك تستغرب المصادر أن مصرف لبنان، بالرغم من الشح النسبي في مادة المازوت، لا يزال يؤمن حاجة السوق إليها، بما يسمح بتشغيل المولدات الخاصة، فيما يحجب الأموال عن كهرباء لبنان، التي يفترض أن تكون لها الأولوية، حتى من منطلق اقتصادي؛ أولاً لأن استهلاكها للفيول أكثر فاعلية بأضعاف من المولدات، ما يوفر في استهلاك الدولارات لديه، وثانياً لأن كلفة الكيلوواط على المستهلك بالنسبة إلى كهرباء الدولة هي ١٠٦ ليرات، فيما كلفة الكيلوواط لدى المولدات تخطّت الألف ليرة، بالرغم من أن المازوت لا يزال مدعوماً.
وهذا يعني أمراً من اثنين، إما أن مصرف لبنان يريد أن ينفّع كارتيل المازوت حتى لو أدى ذلك إلى هدر الدولارات المتبقية، وإما يريد أن ينفّع كارتيل المولدات، وفي الحالتين فإن المتضرر هو المستهلك والاحتياطي على السواء.
أزمة الكهرباء لا تنعكس على المستهلكين تغذية أقل فقط، بل تنعكس على كل نواحي الحياة، ومنها قطاع الإنترنت الذي حذّر المدير العام لأوجيرو عماد كريدية، أمس، من أنه يمكن أن يتوقف عن العمل، من جراء انقطاع الكهرباء. فانخفاض التغذية يتسبب في ضغط كبير على مجموعات توليد الطاقة التابعة لأوجيرو، في ظل صعوبة تأمين الاستقرار في إمداد المحطات بمادة المازوت، التي ازداد الطلب عليها.