المعركة هنا معركة سيادة حقيقية فبينما يحاول كيان الاحتلال الاسرائيلي الحفاظ على انجاز الاعتراف الامريكي بالقدس كعاصمة موحدة له والذي جاء على لسان الرئيس الامريكي السابق دونالد ترامب، ويحاول الفلسطينييون بشتى الطرق ان يثبتوا حقهم بالقدس كعاصمة لدولتهم المنتظرة، الخلاف بدأ يظهر بين الفلسطينيين حول من يرى انتظار المجتمع الدولي وامكانية ان يقوم بعملية ضعط على الكيان الاسرائيلي كي يسمح باجراء الانتخابات في القدس وحول من يرى تحويل اجراء الانتخابات الى معركة مواجهة وفرض امر واقع على الاحتلال، وبعيدا عن الرؤيتين فان المعركة في المدينة المقدسة معركة مستمرة وتحتاج الى نفس طويل، الاحتلال الاسرائيلي منذ العام 1967 ذهب في المدينة المقدسة الى فرض الحقائق والترحيل القسري والاختياري للفلسطينيين وبناء الجدار الاستيطاني حول المدينة وفصلها عن محيطها العربي والاسلامي، ولو نظرنا بشكل سريع الى ما يحدث اليوم في القدس سنرى التهويد الذي يطال كل شيء الشجر والحجر والتاريخ والحاضر والمستقبل، واقامة جدار الفصل العنصري حول القدس خلق واقعا سياسيا واقتصاديا واجتماعيا جديدا ليتحول البقاء الفلسطيني في المدينة الى معركة عض اصابع بين المحتل واصحاب الحق من الفلسطينيين ، هؤلاء يجدون انفسهم في كل يوم وحيدين في معركة يملك الاحتلال فيها كافة مقومات الانتصار المادية ولا يملكون هم فيها سوى الارادة التي تفل الفلاذ، واذا كانت السلطة الفلسطينية والفصائل تبحث عن حق في القدس فعليها ان تصنع من الوجود الفلسطيني في المدينة المقدسة عنوانا لاثبات الحق وصخرة تتحطم عليها امال الاحتلال في تغيير الواقع، المشكلة الكبرى ان الكل دون استثناء يتحدث عن القدس بوصفها اساس المعركة مع الاحتلال لكن لا احد منهم يتحدث عن مقومات الصمود ، مقومات الصمود الحقيقية اليوم تتمثل بدعم للفلسطينيين هناك كي يظلوا في مكانهم، الاحتلال الاسرائيلي يعمل على الارض مسرعا لانه يدرك ان لحظة الحقيقية ستاتي لا محالة وعليه فهو يريد ان يسيطر على الديمغرافيا والجغرافيا كي تساعده في فرض الحل الذي يريده ، والحل الذي يريده المحتل في القدس ليس اكثر من وجود فلسطيني خارج الجدار المغلق من كل جانب وخارج الحواجز التي تحيط بالقدس من كل اتجاه، عندما طرح الاحتلال فكرة عاصمة للفلسطينيين في احياء وبلدات شرقي القدس وغرد لصالح الفكرة بعض الاعراب كان يخطط وينفذ في ذات الوقت لما بعد السيطرة وانهاء الوجود الفلسطيني وعليه فانه اليوم يطرح عليهم ان يبتعدوا عدة كيلو مترات وان يقيموا لانفسهم عاصمة لا مشكلة بالاسم الذي سيطلقونه عليها ولذلك فان كافة اجراءاته العملية تدعم هذه الفكرة، ان معركة البقاء في المدينة المقدسة هي المعركة الاخيرة فان خسرها الفلسطينييون سيفرض عليهم الاحتلال القبول بفتات الفتات ليس فقط في القدس وانما في كل الضفة الغربية وسجعلهم طارئين فوق ارضهم وسينقلهم الى مرحلة القبول باي حل حتى ولو كان كما قال يوما نتنياهو اكثر من حكم ذاتي بقليل واقل من دولة بكثير ، المسالة ليست اجراء الانتخابات في القدس من عدمه المسالة هي في قدرة الفلسطينيين على الحفاظ على حقهم وحق العرب والمسلمين في القدس من عدمه ، اما المعركة فلم تبدا منذ اعلان الفلسطينيين عن انهاء الخلاف بالتوجه لانتخابات ولن تنتهي اذا ما حدثت الانتخابات لان معركة البقاء ستبقى مستمرة الى ان يقدر الله امرا كان مفعولا.